المهارات الاجتماعية العاطفية.. إلى أي مدىً تؤثر على شخصية الطفل؟

تخيل أنك طفل ذو أربعة أعوام، وقد منح لك الخيار بين أن تتناول قطعة مارشملو واحدة الآن، أو أن تحصل على قطعتي مارشملو في حال أنك انتظرت. ماذا ستفعل؟

في سلسلة دراسات مشهورة حاليًّا، قام والتر ميشيل وزملاؤه بإجرائها على مشاركين في عمر ما قبل المدرسة، وعمر المدرسة. طلبوا منهم اتخاذ هذا القرار. هذا البحث يفيدنا بأن الأطفال الذين كانوا قادرين على تأجيل تناول المارشملو بهدف الحصول على جائزة أكبر كانوا الأكثر احتمالية للعمل بشكل جيد في المدرسة وفي العمل لعقود بعد الدراسة.

هذه القدرة على تأجيل المتعة وضبط مشاعرنا وسلوكنا تعدُّ عنصرًا مهمًّا من جملة مهارات غالبًا ما يشار إليها باسم المهارات الاجتماعية-العاطفية. في عالم يُنظر فيه إلى المهارات الأكاديمية على أنها أولوية، فإن المهارات الاجتماعية- العاطفية قد لا تكون متصدرةً اهتمامَ المعلمين وأولياء الأمور. في حين أن هذا البحث قد أظهر أهمية المهارات الاجتماعية- العاطفية بالنسبة للأطفال على الصعيدين الاجتماعي والأكاديمي.

 

ما هي المهارات الاجتماعية والعاطفية الأساسية؟

عرّفت المنظمة التعاونية للتعليم الأكاديمي والاجتماعي والعاطفي (CASEL) المهارات الأساسية الخمسة المعترف بأهميتها على نطاق واسع كمهارات عاطفية- اجتماعية، كالتالي:

• الوعي الذاتي وهو القدرة على تمييز عواطفك، وفهم الروابط بين العواطف والأفكار والسلوكيات.

• ضبط الذات وهو القدرة على ضبط المشاعر والأفكار والسلوكيات.

• الوعي الاجتماعي وهو القدرة على تقبل وجهات نظر الآخرين وإظهار التعاطف.

• مهارات العلاقة وهي القدرة على بناء العلاقات الصحية والحفاظ عليها.

• اتخاذ القرار المسؤول وهو القدرة على اتخاذ الاختيارات الصحيحة فيما يتعلق بسلوكك وتعاملك مع الآخرين.

 

لماذا تعد المهارات الاجتماعية- العاطفية مهمة؟

إن المهارات الاجتماعية العاطفية متعلقة بما سنكون عليه لاحقًا في الحياة ومدى مهارتنا اجتماعيًا، وعاطفيًّا، وأكاديميًّا، ومهنيًّا. على سبيل المثال، إن امتلاكك لمستوى عال من المهارات الاجتماعية- العاطفية في مرحلة الروضة مرتبط بنتائج مهمة في عمر الخامسة والعشرين(جونز، جرينبيرج، كرولي،2015). وهذه النتائج تشمل:

• النجاح الدراسي، مثل الحصول على شهادة جامعية.

• النجاح المهني، كأن تزيد فرصة حصولك على وظيفة.

• نتائج حياتية أساسية أخرى، على سبيل المثال إن احتمال تعرضك لمشكلات مع الشرطة سيكون ضئيلًا.

المهارات الاجتماعية- العاطفية تساعد الأطفال على المثابرة في المهام التي فيها تحدٍ، والبحث الفعّال عن المساعدة عند الحاجة، كما تساعدهم ليكونوا واعيين بتصرفاتهم.

 

ومن المهم معرفة أنه من الممكن تعليم المهارات الاجتماعية- العاطفية.

وهذا ما تم التركيز عليه في مسحٍ كبير لبحث عن المهارات الاجتماعية –العاطفية تم تطبيقه على 270.034 طالب من مرحلة الروضة حتى الصف الثاني عشر (دورلاك إت أل.، 2011). أظهر المسح أن برامج التعليم الاجتماعي- العاطفي في المدارس لم تطور المهارات الاجتماعية – العاطفية فقط، بل نمّت المواقف الإيجابية نحو المدارس، والسلوك الاجتماعي الإيجابي، وكذلك الآداء الأكاديمي. كما قللت هذه البرامج من احتمالية وقوع الطلاب في مأزق ما أو تعرضهم لمشكلات عاطفية.

خمس استراتيجيات لتحسين التعلم الاجتماعي- العاطفي لدى الأطفال:

1. كن نموذجًا عاطفيًّا جيدًا. فالأطفال يستوحون سلوكهم من الأشخاص الذين يقدِّرونهم كالوالدين والمعلمين.

عندما يجسّد الأشخاص الذين يقدمون الرعاية تنوعًا في المشاعر، ويصوغون استراتيجيات لضبط مشاعرهم، فإن الأطفال سيتعلمون طرقًا ملائمة للتصرف في ظروف مماثلة.

2. كن “مدربًا عاطفيًّا”. تحدّث عن مشاعر الأطفال وتقبلها. كما أنه من المفيد تعليم الأطفال كيف يصنفون مشاعرهم، وكيفية التعامل معها وحلها، والتعبير الملائم عن العواطف. التدريب العاطفي مرتبط بضبط أكبر للعواطف، وسلوكيات تكيفيّة، وكذلك مستوى أدنى من السلوكيات التخريبية.

3. اقرأ كتبًا ذات حُبكة اجتماعية- عاطفية. فإن قراءة الكتب يمكن أن يمنحك فرصًا لتعلم ومناقشة مواضيع اجتماعية-عاطفية، مثل تبادل الأدوار والتعاون. وإن قيام الأطفال بتصنيف مشاعر شخصيات القصة وشرحها من شأنه أن يساعدهم على تعلم مشاعر متنوعة.

4. إعطاء الخيارات. إن إعطاء الطلاب خياراتٍ واستقلالية للاختيار بينها مرتبط بمستويات عالية من التعلم الاجتماعي- العاطفي. إن علاقة الوالدين مع أطفالهم والتي تتضمن العمل معًا لحل المشكلات من شأنها أن تعلم الأطفال كيفية مناقشة وحل المشكلات مع الوالدين، وذلك سيؤدي لاحقًا إلى مهارات اجتماعية متطورة، وتقبل أكثر في العلاقات مع الأقران.

5. استخدام استراتيجيات انضباط إيجابية. وضع قواعد وتوقعات للسلوك، وإعطاء تحذيرات بشأن العواقب المحتملة. كذلك فإن تقديم المديح والحوافز للسلوكيات الإيجابية، وتجاهل السلوكيات غير المرغوبة مرتبط بمستويات أعلى من المهارات الاجتماعية- العاطفية. عندما يقوم الطفل بتصرف ما، ناقش معه أثر تصرفه على الآخرين لتعزيز التعاطف لديه، وتبادل وجهات النظر والسلوك الاجتماعي الإيجابي.

 

 

هناك فكرة مشتركة بين كل ما سبق ذكره من استراتيجيات، وهي أن الأطفال بحاجة لأن يتم تعليمهم، وأن يمنحوا الفرص لممارسة المهارات الاجتماعية- العاطفية، بذات الأسلوب الذي يتعلمون فيه كيف يقرؤون ويحلون المسائل الرياضية.

هذه الجهود تعود بنفع عظيم، ذلك أن المهارات الاجتماعية العاطفية القوية من شأنها أن تساعد الأطفال في مجموعة متنوعة من البيئات الاجتماعية والأكاديمية لسنوات قادمة.

 

مقال لِ: Magliano Ph.D.

ترجمة: سماح العيسى

رابط المقال الأصلي: اضغط هنا

Contributor details

Contact informatio