شذرات من الفَقد

في الحرب
كل الثكالى يرجعن إلى بيوتهن
بصدور خاوية..
ثم في المقبرة
تصطف القلوب المكلومة
مثل رتل من الفزاعات
تحرس القبور من الضجيج
من الفراغ
والرصاص الطائش…
….
في الحرب..
يكبر الأطفال بسرعة
فالأرامل يسقينهم من حسراتهن
بينما يقضين العمر
يحصين الفوارق بين صور الآباء والمرايا..
….
في الحرب..
كلنا يتامى
ومساكين
وأبناء سبيل
كلنا ذوي قُربى
الموت قاصِم ظهرنا “المشترك”…
….
في الحرب
تُقاس الكوارث
بميزان الوحشية..
فأنت بحاجة إلى موتٍ لافتٍ بفظاعته
ليقف أحدهم يوم رحيلك
أمام اسمكَ
فيأسف لفقدك…
….
في الحربِ
كلُّ شيءٍ آيلٍ للسقوط
نخوة جاركَ
صبر زوجكَ
بر ولدِكَ
إيثار أخيك
وأخيرًا كذبة “الإنسانية”…
….
في الغربة
نجمع الحزن فوق الحزن
لنبني فَقداً نأوي إليه
حين ينهكنا العد…
…..
في الغربة
تعلمت كيف أكون كل شيء لنفسي
أهذب شعري صباحًا
وأعقد شريطة سوداء في نهاية شِعري
أركض ورائي بشطيرة عسل
أكسر فيها صوم الصباحات المرة..
أوبّخ طيبتي
وأقطّب حاجبي في وجه ثرثرتي الزائدة..
وفي الليل أهدئ من روع خيبتي
ثم أبكي على كتفي طويلًا
حتى أغفو
في حضن حضني…
…..
في الغربة
تصير العمليات الحسابية أكثر تعقيدًا
فهنا.. الجميع يعضُّ أصابعه
محاولًا -عبثًا- إحصاء اغتراباته..
…..