ناجحة في الخسارات..

أنا ناجحة جدًّا في الخسارات.. الخسارات التي أخرج منها قوية بشكل لافت..
الخسارات التي قد أتحايل على اللغة وأسميها تجارب، وأحيانًا أحرّف التاريخ وأدّعي أنها انتصاراتي الخاصة..
أنا بارعة جدًّا في استهلاك اللحظات سريعة التلف.. واختصار عمر من المشاعر المستعارة في غضون أيام.. فإذا بكل ما كان برّاقًا يفقد لونه بسرعة مخزية..

أنا بارعة فعلًا في الفَقد.. يتطاير الجميع من حولي بفزع.. ينهمر من حملتهم في عيوني.. ينهمرون في لحظة غير متوقعة.. وأظل أتفقد فراغ محاجري من بعدهم، وأغرز سكين السؤال في خافقي.. “لِمَ رحلوا؟”
أنزف الكثير من الثقة.. ولا أتلقى جوابًا.

مؤخرًا صرتُ فنانةً في التخلي.. لا أشد بأصابعي على ثوب أحد.
من شممت في خاطره انطفاء اللهفة، أسقطته عن كاهلي دون تردد.
الأمر صار مرعبًا في الفترة الأخيرة..
صاروا يتساقطون بشكل مُرهِق.. والتخلي الذي كنت أمارسه في أوقات فراغي.. صار شغلي الشاغل..
والفقد الذي كنت أخشاه، صرت أخترعه..
والفرح الذي كان يخبو حتى يصير كئيبًا كوداع..
صرت أنجبه ميتًا..

كل هذا ولا زال قلبي متشبثًا بثوبك كطفلٍ يلاحق رائحة أمه في الأماكن الغريبة عساه يألفها..
كل هذا وأنا أُسقطهم من ذاكرتي كما سقطوا من الفؤاد.. ثم ألتفت نحوك مأخوذة بنشوة انتصاري..
فكل الخسارات يا حبيبي رهانات لا تُذكَر.. إذا ما فزتُ بشهقة حضورك.